02 أُكْتُوبِر 2023
عربي Türkçe
اختيار اللغة:

العالم العربي

السفير السعودي لدى أنقرة يدعو تركيا لاتخاذ موقف محايد بأزمة قطر
27-06-2017 22:57

أجرت صحيفة ديلي صباح حوارا صحفياً هاماً مع السفير السعودي لدى تركيا المهندس وليد بن عبد الكريم الخريجي حول قطع العلاقات مع قطر وموقف تركيا منها، داعياً تركيا إلى اتخاذ موقف محايد في أزمة قطر وفيما يلي نص اللقاء:
س: لماذا اتخذت المملكة العربية السعودية مع بعض الدول قرار قطع العلاقات مع قطر؟
•    لقد اتخذت المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية قرار قطع العلاقات مع قطر بعد ان استمرت هذه الدول الاربع  على مدى سنوات  تطالب  من قطر الكف عما يزعزع أمنها ويخالف الاتفاقات الموقعة بينها ثنائيا وجماعيا في اطار مجلس التعاون الخليجي، وسبق ان قدمت المملكة ودول اخرى لقطر قوائم بأسماء مطلوبين متورطين في اعمال ارهابية ونشاطات استهدفت أمن واستقرار المملكة ومواطنيها، ورغم الوعود بوقف نشاطهم إلا ان قطر استقبلت المزيد منهم  وسمحت لهم بالتآمر ضد دولهم ومنحت البعض منهم جنسيتها  ومنهم قيادات تابعة لجماعات ارهابية ومتطرفة.
•    وقد جاء هذا القرار بقطع العلاقات بعد ان طفح الكيل من تصرفات السلطات في الدوحة،وماقامت به قطرواقع يجب قراءته على انه نهج مستمرلها سارت عليه منذسنوات، فقد تحاورنا مع قطر كثيرا خلال 20 عاما وتعهدت لنا قطر كثيرا، واهم هذه التعهدات كان في اتفاق الرياض عام 2013 والاتفاق التكميلي 2014م، ولكن الدوحة نكثت الوعود ولم تحترم هذه الاتفاقيات، ونحن لازلنا نؤكد اننا لانرفض الحوار عندما يكون بناءا ومفيدا، وفي الازمة الحالية ليس المهم ان يكون الحوار مباشرا، المهم ان تلتزم قطر بإيقاف دعمها للإرهاب والتطرف، فمسألة تحقيق الامن والاستقرار ومحاربة الارهاب مسألة لا مساومة ولانقاش فيها، وجميع دول العالم تتفق معنا في هذا الجانب فليس هناك دولة لا تجرم الإرهاب ولا تحاربه، وليس فقط الدول الاربع المقاطعة لقطر تقوم بذلك.ومع ذلك المملكة تؤكد دائما ان قطرجزء من النسيج الخليجي ولن نرضى ان تصاب بمكروه،ونأمل أن نجد التجاوب والضمانات التي تعيدها الى الطريق الصحيح.
س: هل ماتطلبه هذه الدول من قطرفرضا للوصاية وانتهاكا لسيادة قطر؟
•    إن مطالبة الدوحة بوقف دعم الارهاب والإعلام المعادي ليس فرضا للوصاية بل هو حفاظا على امن الدول المقاطعة،فعندما تستشعر أي دولة أن هناك تهديدا لأمنها القومي، فهل من المعقول أن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه التهديدات؟ وهل تُلام هذه الدولة التي تتعرض للتهديد عندما تطالب بوقف دعم الإرهاب والإعلام المعادي؟ أي منطق يقول هذا؟ تركيا نفسها عندما استشعرت أن هناك تهديدا لأمنها على حدودها مع سوريا سارعت باتخاذ خطوات عديدة،ليست فقط خطوات سياسية بل وعسكرية ايضا بهدف الحفاظ على أمنها القومي، والدول التي قطعت علاقتها مع قطر كل مطالباتها تندرج منذ البداية تحت الصعيد السياسي فخلافها مع قطر في الأساس خلاف سياسي وأمني ولم يكن عسكريا قط، ومطالباتها من هذا المنطلق بوقف دعم الارهاب والإعلام المعادي يكون أمرا مشروعا ولا يستهدف سيادتها بأي حال من الأحوال، والمملكة حريصة على امن وسلامة قطر، وهذه الاجراءات إنما تأتي في المقام الاول لحمايتها من تبعات الاعمال الغير محسوبة.
•    كما أن معظم  السياسات في مجلس التعاون متفق عليها بالتفاهم وليس بالوصاية على احد، والمملكة تحترم ما يصدر عن مجلس التعاون الخليجي وتحترم وساطة الشقيقة دولة الكويت لحل الازمة وبينت قبولها وساطة الكويت دون غيرها من دول العالم لأنها تريد حلا خليجيا، وهذا ما اكد عليه معالي وزير الخارجية عادل الجبير ان الدول الخليجية قادرة على حل الخلاف مع قطر بنفسها دون مساعدة خارجية.
•    وبرأينا تخطيء أي قوى إقليمية إن ظنت بأن تدخلها سيحل المسألة، ونتوقع من هذه القوى أن تحترم النظام الإقليمي القائم والكفيل بحل أي مسألة طارئة، وفي هذا الاطار تندرج مسألة القاعدة التركية في قطر والتي من شأنها ان تعقد الوضع بدلا من السعي في علاجه، فقد كنا نأمل ان تحافظ أنقرة على مبدأ الحياد للعلاقات الجيدة التي تربطها مع جميع الدول الخليجية، وعندما تنحاز أنقرة إلى الدوحة تفقد كونها طرفا محايدا يسعى للوساطة (كماصرحمسئوليها) بين الأطراف لحل الأزمة. وإن إحضار الجيوش الأجنبية من دول اقليمية، وآلياتها المدرعة، إنما هو تصعيد عسكري تتحمله قطر، والمملكة في هذه المسألة لا تشك في الدوافع التركية وحرص أنقرة على أمن واستقرار المنطقة، ولكن هناك اعتبارات أخرى متعلقة بدول مجاورة لقطر ولابد من أخذها في الحسبان، ونحن نرى أن هذا الأمر والتصعيد العسكري الاقليمي لن يحل المشكلة بل سيزيد في تعقيدها، وبالنسبة للمملكة لايمكنها أن تسمح لتركياباقامة قواعدعسكرية تركية في البلاد، فأنقرة تعلم جيدا أن المملكة ليست في حاجة إلى ذلك وأن القوات السعودية المسلحة وقدراتهاالعسكرية في أفضل مستوى،ولها مشاركات كبيرة في الخارج،بما في ذلك قاعدة أنجيرليك في تركيا لمكافحة الإرهاب وحماية الأمن والاستقرارفي المنطقة.
س: ماذا بشأن قوائم الإرهاب التي اشتملت على أفراد ومنظمات اعتبرتها الدول المقاطعة لقطر إرهابية؟
•    بالنسبة لقوائم اسماء الارهابيين والمنظمات المتورطة، فقد قامت الدول الاربع بتوزيع هذه القائمة على دول العالم وتم توضيح الاسباب التي ادت الى ادراج هذه الشخصيات والكيانات عليها،  ثم إن اسماء الارهابيين والمنظمات المتورطة تتطابق في معظمها مع قوائم دولية، فعلى سبيل المثال سبق ان أصدرت مؤسسات اميركية منها الخزانة الامريكيةاسماء مطابقة توضح طبيعة الجرائم، كما ان الاتهامات لقطر سبق لحكومات اخرى ان صرحت بمثلها من بينها الحكومة الامريكية ممثلة في وكيل وزارة الخزانة الامريكية لشئون الارهاب السابقالسيد ديفيد كوهينالذي سبق ان صرح قائلا(ممولو الارهاب يعيشون بحرية في قطر ولم يجرمهم القانون القطري) ولذلك اعتبرت الخزانة الامريكية قطر دولة متورطة في تمويل الارهاب.
•    ثم إن قطر تملك سجلا سيئا في التعامل مع المتهمين والمشبوهين والمبلغ عنهم دوليا فقد سبق للسلطات الامريكية ان طلبت من قطر اعتقال ممول العقل المدبر لاحداث 11 سبتمبر ( خالد شيخ) لكن قطر قامت باطلاق سراحه عام 2009م بعد سجنه لمدة لم تتجاوز ستة اشهر، ومنذ اطلاق سراحه ثبت انه متورط في عمليات تمويل انشطة ارهابية في العراق وسوريا وهجمات 11 سبتمبر الارهابية.
س: هناك من يعتبر أن ما قامت به هذه الدول تجاه قطر هو نوع من الحصار الذي قد يتسبب في الحاق الضرر بالمواطنين القطريين، ما هو رد معاليكم؟
•    فيما يتردد بوصف قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق الاجواء والحدود بالحصار فهذا الادعاء ليس صحيحا بالقطع، فالموانئ والمطارات القطرية مفتوحة،وإنما تم منع فقط شركات الطيران القطرية والطائرات المسجلة في قطر من استخدام المجال الجوي ومنع السفن من استخدام المياه الاقليمية للدول الاربع،  وهذا حق سيادي للمملكة، والمملكة مستعدة لإمداد قطر بالمواد الغذائية والطبية إن كانت في حاجتها عن طريق مركز الملك سلمان، ولكن قطر حسب ما أعلنت حكومتها ليست بحاجتها، فالمواد الغذائية والطبية موجودة لديها وكل ما يحتاجه القطريون يحصلون عليه، على حد التصريحات القطرية، ومن ذلك ما صرح به متحدث رسمي من الخارجية القطرية عندما قال (قطر ليست بحاجة للمساعدات فهي تقوم بمساعدة الآخرين) فأين هو الحصار المزعوم إذن؟ وإن كان هناك حصارا كما يدعي البعض، فكيف وصلت المنتجات التركية الغذائية على أرفف المتاجر القطرية؟
•    ثم إن ما قامت به الدول الاربع ودول اخرى لايستهدف الشعب القطري على الإطلاق وقد صدرت توجيهات عليا في المملكة تقضي بمراعاة الاوضاع الانسانية للأسر المشتركة مع قطر،كما ان المزاعم بمنع المعتمرين القطريين ليس له اساس من الصحة  وقد اكدت المملكة التزامها وحرصها على توفير كل التسهيلات والخدمات للحجاج والمعتمرين القطريين،ومنذ بداية تطبيق قطع العلاقات استقبلت المملكة (1600) معتمرا قطريا خلال الايام القليلة التي تبعت قطع العلاقات.
س: ولكن قطر تنفي ارتباطها بالإرهاب، بل وتتهم المملكة في ذلك، ما هو رد معاليكم؟
•    ما تردده قطر من التبرئه من تمويل الارهاب ومحاولة الصاق التهمة بالمملكة ليس صحيحا، فمعلوم لدى كثير من الدول أن الدوحة متورطة في رعاية ودعم جماعات ارهابية وطائفية منها تنظيمات داعش وجبهة النصرة المتربطة بتنظيم القاعدة،وأحرار البحرين، وحزب الله، وبعض ممن ينتسبون لجماعة الاخوان ويقومون بأعمال إرهابية، وسرايا الدفاع عن بن غازي في ليبيا، وغيرها، اضافة الى دعم نشاطات جماعات ارهابية مدعومة من ايران في المملكة ومساندة الحوثيين في اليمن.
•    اما محاولات الصاق تهم الارهاب بالمملكة فالمملكة كانت هدفا للعمليات الارهابية وليس العكس ومنها تلك المدعومة والممولة من قطر،منها مساهمتها في محاولة اغتيال الملك عبد الله بن عبد العزيز بالتعاون مع نظام القذافي عام 2003م، والمملكة تقود النشاط الاقليمي في محاربة الارهاب على كافة الاصعدة منذ سنوات وليس بإمكان أي شخص التشكيك في هذا الموقف فالمملكة فقدت اكثر من (240) شهيدا وأكثر من (1055)جريحا في اكثر من (50) عملية ارهابية،وهي لا تزال في مواجهة مفتوحة مع الارهاب، في حين ان قطر وإيرانلم نشهد أو نسمع بعمليات إرهابية متكررة جرت على أراضيهما، ولم تكونا يوما اهدافا للإرهاب، فلا يكون مستغربا إذن ان تكونا مرتبتطتين بهذه الجماعات الإرهابية، وأي عاقل لابد ان يدرك هذه الحقيقة.
س: لماذا حجب المواقع الإعلامية وقناة الجزيرة؟ ألا يعد ذلك تدخلا في حرية الصحافة والتعبير؟
•    فيما يتعلق بحجب المواقع الاعلامية التابعة لقطر واعتباره انتهاكا لحرية التعبير،فطبقا للمعايير الدولية،سبق أن طُبق الحجب على وسائل اعلام محرضة على العنف والفوضى وداعمة للإرهاب،وشمل ايضا وسائل مدعومة من قطر ومن مواقع تنظيمات ارهابية  مثل داعش وإيران اخذت على عاتقها الترويج لأدبيات ومخططات ارهابية، والمملكة تحترم حرية الصحافة والتعبير ولكن كثير من القنوات والصحف التي تديرها الدوحة في العلن والخفاء لايمكن تسميتها اعلام حر، وقيادة المملكة توقف أي موقع يثبت ترويجه للعنف والارهاب بغض النظر عن مصدره وموطنه، وبكل اسف تعتبر الدوحة الراعي الاكبر لهذه المخططات والمواقع في المنطقة وأوروبا، ثم إن سياسة الحجب ليست خاصة في المملكة بل كل دول العالم ومثال ذلك فرنسا التي قامت بمنع محطات تلفزيونية ومواقع مثل المنار التابع لحزب الله.
•    عندما ادركت تركيا ان هناك ٣ وكالات أنباء وعدد من القنوات الصحفية والاعلامية اضافة الى عدد كبير من الصحفيين ما يزيد عن ٢٠٩ صحفي مرتبطين بغولن قامت باغلاقها واحتجزت الصحفيين لأنهم متهمين بالتورط في المحاولة الانقلابية، فهل يعني ذلك ان تركيا ضد حرية التعبير؟ بالقطع لا، ما أعنيه ان لكل دولة اعتباراتها وتتخذ مواقفها تبعا لما تستشعر أنه يهدد امنها القومي وسلامة أراضيها. واسمح لي أن أختم هذا اللقاء بأمنياتي الشخصية بأن تُحل هذه الازمة في أقرب وقت وان يسود العالم الإسلامي الأمن والطمأنينة والسلام.  

 

أخبار أخرى قد تكون مهتمة في
الأكثر قراءة
الكتاب