محمد علي
- الإسلاموفوبيا في ألمانياالإسلاموفوبيا في ألمانيا
في الأعوام الأخيرة أصبح الإسلام واحداً من أهم القضايا في ألمانيا. منذ 11 أيلول 2011، وعلى التوازي مع العالم أصبح الإسلاممحل جدلٍ في ألمانيا أيضاً. لكن النقاش الدائر في ألمانيا جدلٌ من نوعٍ خاصٍ.
يعيش في ألمانيا ثلاثة ملايين تركي مسلم،ويجري الحديث عن أربعة ملايين مسلمٍيعيشون في هذا البلد. وبالطبع أصبح الإسلام ديناً له موقعه في ألمانيا.وقد قال ذلك رئيس الدولة ووزير الداخلية وفتح الطريق إلى هذه المناقشات.فالإسلامفي النهاية يحتل موقعه في ألمانيا.
هل أصبح للمسلمين صورةٌ محددةٌ في الإعلام الألماني؟ عندما نشاهد جملةً من الأحداثالمخيفة التي تحدث في البلدان الإسلامية؛عندها نرى كليشة "الضحية". وعندما تشاهدون حجم التصرفات السيئة مع المسلمين هناك،تشعرون بالتعاطف مع هؤلاء الناس، وتعيشون كليشة "الشفقة". من جانب آخر، عندما تفكرون بأحداث 11 أيلول،وعندما تفكرون بأولئك المسلمين العدوانيين الإرهابيين،عندها بالتأكيد تتغير صورةالمسلمين في الإعلام، وفي النشرات الأخبارية. وأعتقد أن هذا هو الأمر الطبيعي إلى أبعد الحدود.
في الأصل عندما نتحدث عن الإعلام الإلكتروني في ألمانيا فإن معظم الصحفيين لا يعرفون شيئاً عن الإسلام. لا يعرفون شيئاً عن حقيقته. يعرفونه بشكل سطحي فقط.نعم هناك إسلام، وهناك غطاء رأس وخمار،ولهم جوامع، ولكن هل هذا كل شيءٍ في الإسلام؟ للإسلام أمورٌ أخرى أيضاً.ينبغي عليهم أن يعرفوا هذه الأمور المختلفة.كل واحد يعرف ما يحب أن يسمعه، أو يريد أن يفعله. ويعتقد أنه يعرف ما الذي يحدث في الخارج ثم يكتب عن هذا وذاك.وهذا الأمر مشكلة كبيرة بالنسبة لألمانيا والإعلام الألماني.لأن الأمر صعبٌ بالنسبة للطرفين.ولأن الشعب يتلقى الأخبار نفسها دوماًولأن الكتاب يكتبون دائماً بنفس الشكلولأن الصحف تكتب بنفس الشكلفهم يعتقدون أنها معلومات صحيحة.ولان كتلة القراء هم الأشخاص في وضعٍ معين، فعندما تنتج الافكار وتعد الأخبار بشكلٍ يخالفأفكار كتلة القراءعندها قد تفقد قرائك.لأن هذا الأمر أصبح شائعاً جداً في الآمونة الأخيرة.فعندما تركز صحفٌ معينةٌ على أخبارٍ معيَّنةٍيبدي القراء ردود أفعالهم ولأن الصحف تعمل بنظام الاشتراكفإنها تفقد زبائنها.
هناك نوعان من صحفِيّان: الأول صحفي يحمل شيئاً من العداء للأجنبي وإن كان لا يدرك ذلك ويشعر بالحاجة دوماً إلى الكتابة حول الأشياء السيئة التي يعثر عليها.على شكل كنت أعرف هذا وتعرفوا عليه أنتم أيضاً.لكن الغالبية العظمى من الصحفيين لا يكتبون بنية سيئة.وأعتقد ان ذلك يرجع إلى عدم المعرفة وعدم الاهتمام أو الشعور بضيق الوقت، والحاجة إلى كتابة شيئ ما وما شابه. وهذا في الواقع أمر محزنٌ جداً. وبالطبع ينعكس هذا الجهل إلى الأخبار. ولأنه ينعكس على الأخبارفإن المستمعين والمشاهدين والقراء عندما يرون هذايبدأ الخوف يتسرب إلى داخلهم بشكل أوتوماتيكيومن هنا ينبثق الإسلاموفوبيا.
"الإسلام شيءٌ سيءٌ، ونحن نخاف منه" من أين تعرفون ذلك؟ من الصحف والجرائد.أعتقد أنهم يستخفون كثيراً بذكاء القارئ الألماني.فالقارئ الألماني من الذكاء بحيث يستطيع التمييز بينما هو دين وبين ما هو إرهاب.ويستطيع التمييز بين رأسمالية كارل ماركسومجموعة يسارية إرهابية متطرفة.والأمر الآخر الذي يمكننا الكشف عنه هو الشدةوممارستها على النساء وما شابه ذلكفي جملة من القضايا العامَّة إلى حدٍّ كبيرٍ، وكونهافي جميع وسائل الإعلام على وجه التقريب خاصةٌ بالمسلمينوالأتراك.والتوجه نحو هذا التحديديفتح الطريق إلى القبولبأن هذه الصفات تميز الأتراك.وبشكل طبيعي تتأثر بهذا الطبقة الوسطى.فهناك دراسات تبين أن العنصريةالمضادة للمسلمين تجد الزيادة والانتشار في الطبقة الوسطى.هذه الزيادة ربما يمكن قول الكثير عنها من خلال نجاحات المهاجرين من الأصول التركية، وفشلالإعلام على وجه الخصوص؛ لكنالمعطيات التي بين أيديناتربط ارتفاع العنصرية على الأكثربالنجاحات التي يحققها الأجانب.بتعبير آخر، يدخل في الموضوع التنافسوالخوف من الفشل.يحدث شيء من هذا القبيل على سبيل المثال، في إحدى البرامج يطلبونمن أجل الاجتماع سيدة محجبة لا تتقن الألمانية بشكل جيد.في مثل هذا الوضع؛ يرد في ذهن معدي البرنامجالدور الذي يمكن أن تقوم به هذه السيدة، وهناك في الأصلتصورٌ مسبقٌ لهذا الدور.ولكن اذا كان النقاش عن أمور خارج المألوف فأنهم لا يعرضونه لان القناة ستخسر الأرضية الصلبة التيحققتها في البرامج الأخرى.
لنتناول الأخبار التي تدور حول الثورة العربية على سبيل المثال. لا يمكن تجاهل الشعور بالحيرة الكبيرة حولها. "كيف ذلك؟ هل يريد المسلمون الديموقراطية؟"فهذا الوضع يتناقض مع ما يعتقدونه إلى حدٍّ كبيرٍ ووقعوا في حيرة لا تُصَدَّق.وقد أعطي هذا الموضوع مكاناً شاملاً في الإعلام، لكنهذه الدهشة فتحت الطريق إلىجملةٍ من الأمور.الأمور التي تجري في المجتمع بشكل طبيعي لا تثير الاهتمام. ان وظيفتنا هي تحديد المصاعب التي نعيشها وبفضل ذلك يمكن تجاوز هذه المصاعب.ومن أجل هذا ينبغي علينا أن نعالج الاستعمار من أجل الأهداف التييرعاها الدين في الحدود المتطرفة في السياسة.ينبغي علينا أن نؤمن النقاشات بين التشكيلات الإسلاميةالتي تستخدم الدين من أجل أهدافٍ سياسيةٍوالجماعات المسلمة التي تتجنب ذلك.وهكذا وضع الحداثة مقابل الإسلام.نعم لا يمكن تجنب هذا المقابلةبينهما بأي شكل من الأشكال.
"المسلم كيف يفكر باعتباره مسلماً؟" يتم عرض المسلم في صورةقوية تعود إلى الإسلام،وهذا الوضع يكرس النظر إلى المسلمين باعتبارهم أتباع دينويعيق النظر إليهم كأناس طبيعين.بعد الهولوكوست والحرب العالمية الثانيةاستنبطت ألمانيا بعض النتائج، وخلقت ثقافة التذكر.فباتت الهولوكوست وعلاقاتها مع إسرائيل جزءاً من الهوية الألمانية.فالعلاقات الألمانية-الإسرائيلية المتماسكة في يومنا جزءٌ من تصور الدولة الألمانية.كل من يريد اليوم أن يعيش في ألمانيا، ويشعر كأنه في بيته، يجب عليه أنيقبل هذا الوصف الذي يخص الدولة الألمانية.
إننا ندرك أن معظم المهاجرين عرباً أو أتراكاً يعيشون مشكلة في هذه النقطة.لكن هذا الأمر في نهاية المطاف جزءٌ من هويتنا.عندما نفتح الجرائد والمجلات في السنواتالأخيرة نرى خلفية سوداء في كل الأخبارالمتعلقة بالإسلام.أو نرى في الواقع صورة لمسلم من نمط وحيد أو منظراً مرعباًلا يبت بصلة بالإسلام الذي نعرفه.وصورة المسلم وحيد النمط هذهصورة تولد الخوف لدى أكثرية المجتمع.أعتقد أنه يجب على الإعلام أن يختار صوراً أفضل حتى يتم التغلب على هذه المخاوف وحتى يستطيع فعل ذلك عليه أن يفهم هذا الحدث، وحتى تتغير الأخبار يجب أن يتغير الناس العاملين في التحرير.
لنأت مجدداً إلى الموضوع الذي يدافع عنه صحفيون الألمان.على الاجانب المسلمين أن يكثف وجودهم في السياسة وفي كل مكان.وبالتأكيد في دور النشر.إن يحدث هذا فمن المحتمل جداً أن يتغير النقاش. يعني أن عدداً أكبر من الناس سوف يأتون بأفكار أكثر اختلافاً.وسيظهرون الأخطاء بشكل أكبر أو أنهم عندما يتناقشونسيفهمون أن بعض الأشياء غير صحيحة.
يتلقى المسلمون وجهات النظر نفسها حول البلدان الإسلامية لا سيما البلدان العربية طوال السنين وكانت وجهات النظر هذه مثيرة للجدل في أغلب الأحيان.كان يتم اختيار أشياء كليشية جداًوتعميمها. كان هذا التعميم قوياً جداً تم الربط بينه وبين المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا أو بين ألمان من أصول تركية.هؤلاء الناس يبدون بأنهم "جماعة خطيرةجداً تتجول بيننا وتريدنا جميعاًأن ندخل في الإسلام". أعتقد أن الغلّ الذي هو موضوع الحديث موجود في الإعلاموفي الأشخاص الذين يحملون المسؤولية في الإعلام.وبنفس الشكل في السياسة وجهاز الأمن.الناس الذين تملكوا الكراهية ربما لم يتملكوها من الإعلام، بل من أماكن أخرى.ربما المسائل الأسرية مثلاً هي التي تدخل الناس في هذا الوضع الصعب.ما أود قوله هو أن الأخبارالتي يتم إعدادها هي التي تخلق شعور الكراهية.إن دائرة حماية الدستور الفيدرالي في ألمانيا يخاف من خطر الأسلمة أكثر من خوفه من الإرهابيين المسلمين.لا يعتقدون أنهم سيواجهون مشكلة الإرهاب، لكن كما قلت يتحدثونعن وجود خطر الأسلمة استناداًإلى الاحصائيات.
عندما ننظر إلى ما يقال في الأخبار نجد أن "الأسلمة" موضوع الحديث حقاً. فالمواضيع كلها في هذه الفترةيتم تصورها وكأنها متعلقة بالإسلام أو يتم تناولها من نواحي إسلامية. الإنسان عندما يوضع كل هذا نصب عينيه يخيم عليه فكرٌكأن الإسلام بالفعل سوف يبلعنا جميعاً.هذا في الواقع أثر موضوعي للغاية يقويه ويعززه الإعلام ألماني. نذكر الجوامع على سبيل المثال؛ عندما يُراد تجميلهذه الأماكن التي تعمل كجوامعمنذ 40 عاماً إلى جوامع ذات قبب ومآذن، نعيشجدلاً مجتمعياً جاداً.فنعيش جدلاً ونقاشاً يتمتع بمزيد من الاستقطاب. بإمكان حزب من اليمين المتطرف أن يستغل هذا الموضوع لصالحه، ويطلق حملة جادة جداً ضد المسلمين والأتراكفيجمع أصوات الناخبين.
عندما نشاهد أخباراً عن موضوعالتأقلم، نقول في العموم: كم نحن متخلفون، كمنحن متراجعون، كم نتحرك براحة قليلة.نفكر عموماً لماذا كل شيء يتعلق بهذا الموضوعيكون مليئاً بالمخاوف والأحكام المسبقة. لكن عندما ننظر إلى دول أخرى كالسويدوالنرويج وسويسرا وإيطاليا وفرنسا، لا نرى فروقات كبيرة في الواقع.في جميع البلدان يوجد خوف كبير وكراهية كبيرةضد المسلمين والأجانب وضدمن لا يشبههم.أعتقد أن ذلك مختلف جداً. يعني أن ألمانيا ليست أكثر سوءاً من غيرها لكنها بالتأكيد سيئة لمن يعيش هناك بشكل دائمي.
لا يمكن فعل شيء في الحياة انطلاقاً من الخوف. لكن ينبغي عدم إظهار الأحداث وكأنها أبسط مما هي عليها.لا يمكنكم أن تحلوا كل شيء بنقرة زر واحدة. ينبغي أن يكون الناس منفتحين، ويخطو كل من الطرفين خطوة نحو الآخر.وحتى يتحقق هذا لابد أن تمر أجيال وأجيال وليس أشهراً وأعواماً. من جهة أخرى يجب ان نرى مزيداً من الأتراكبين مذيعي تلك الأخبار، ولحصول ذلك يجب علينا أن نعمل أضعاف ما يعمله الألمان وأن نبدي طاقات أكثر من الطاقات التي يبدونها وعلينا أن نحارب الأحكام المسبقة.أعتقد أن هذا جدير بالاهتمام في نهاية المطاف. أنالاندماج هو مهمة المجتمع.ينبغي عدم تضخيم تأثيرات الإعلام الإيجابية والسلبية في هذه الفترة ويجب علينا أن نترك جانباً تصنيف الناس حسب هوياتهم الثقافية والأديان التي يؤمنون بها والبلدان التي أتوا منها. ينبغي علينا أن نعمل قليلاً على إظهار الناس كما هم عبر كتاباتنا وكاميراتنا وميكروفوناتنا.أعتقد أننا لو تركنا جانباً التشديد المستمر على هوية الناس الثقافية ونواياهم الخلفيةلأمكننا أن نعيش نوعاً من التطبيع.إن أهم وظيفة التي تقع على عاتق الصحفيين هي إظهار بلدهم كما هي.ألمانيا باتت دولة ملونة للغايةفلم تعد تدعى(الجمهورية الفيدرالية الألمانية)،بل (جمهورية ألمانية الملونة) في هذه الأثناء من المهم جداً إعداد أخبار عن عشراتالجماعات المختلفة التي تعيش في هذا البلد.وفي الأخير نتمنى أن يعمل مزيد من شبابنا في الإعلام والجرائد والتلفزيون ويرى الجميع والرأي العام كله النجاحات التي يحققونها.
رجب أكمكجي
عملية عفرين المتوقعة
عاتق جارلله
التنافس الدولي و حدود الدور التركي في اليمن
فاروق بولاط
التنظيم الليبي لداعش في ثلاثة أسئلة
سجكين قوج
إسقاطات سياسة إيران الخارجية وعلاقاتها التركية المتمحورة حول سورية
فاهم محمد علي قدري
الحرب اليمنية تدخل عامها الثالث في ظل تفاقم الوضع الإنساني في البلاد
جان أجون
الاستفتاء شعبي حول استقلال إقليم كردستان العراق وسياسة العقوبات تركية
بورا بيرقدار
المفاتيح السرية في اتفاقية إدلب
نعمان تلجي
الأزمة الخليجية وأثارها على التحالفات السياسية في الشرق الأوسط
عدنان كوجوك
رئيس الجمهورية الحزبي في تركية
محمد علي
الإسلاموفوبيا في ألمانيا